من فتاوى العلامة بن عثيمين
من فتاوى الشيخ بن عثيمين
حكم صيام تارك الصلاة
السؤال (136): فضيلة الشيخ، ما حكم صيام تارك الصلاة ؟
الجواب : تارك الصلاة صومه ليس بصحيح ولا يقبل منه، لأن تارك الصلاة كافر مرتد، لقوله تعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) (التوبة:11)
، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ،
فمن تركها فقد كفر؟(159)، ولقوله صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين
الشرك والكفر ترك الصلاة"(160) ، ولأن هذا قول عامة الصحابة إن لم يكن
إجماعاً منهم.
قال عبد الله
بن شقيق رحمه الله - وهو من التابعين المشهورين كان أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة . وعلى هذا فإذا صام الإنسان
وهو لا يصلي فصومه مردود غير مقبول ولا نافع له عند الله يوم القيامة ،
ونحن نقول له : صل ثم صم ، أما أن تصوم ولا تصلي فصومك مردود عليك ، لأن
الكافر لا تقبل منه العبادة.
قلت هذا على ما رجح الشيخ انه كافر والمسألة فيها خلاف سائغ بين العلماء
فمن ذهب لكفره رتب كل الاحكام عليه ومن ذهب لاسلامه وهم الجمهور
كذالك
حكم من يصلي ويصوم في رمضان فقط؟
السؤال (137): فضيلة الشيخ، ما حكم من يصوم ويصلي إذا جاء رمضان لكن إذا انسلخ رمضان انسلخ من الصلاة الصيام؟
الجواب :
الذي يتبين لي من الأدلة أن ترك الصلاة لا يكون كفراً إلا إذا كان تركاً
مطلقاً ، وأما من يصلي ويخلي ، فيصلي بعض الأحيان ويترك بعض الأحيان ،
الذي يبدو لي من الأدلة أنه لا يكفر بذلك ، لقوله : " العهد الذي بيننا
وبينهم الصلاة ، فمن تركها - أي الصلاة - فقد
كفر"، ولقوله: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" ولكن هذا الرجل
الذي لا يصلي ولا يصوم إلا في رمضان أنا في شك من إيمانه لأنه لو كان
مؤمناً حقا لكان يصلي في رمضان وفي غيره أما كونه لا يعرف ربه إلا في
رمضان فأنا أشك في إيمانه لكني لا أحكم بكفره بل أتوقف فيه وأمره إلى الله
عز وجل.
قضاء الأشهر الفائتة
السؤال (139): فضيلة الشيخ ، إذا كان الإنسان قد ترك أشهراً من رمضان بعد بلوغه ثم التزم الآن ، فهل يلزمه قضاء هذه الأشهر؟
الجواب
: القول الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يلزمه قضاء هذه الأشهر التي
تكرها بلا عذر ، بناء على ما سبق أن العبادة الموقتة إذا أخرها الإنسان عن
وقتها المحدد لها شرعاً فإنها لا تقبل منه، فقضاؤه إياها لا يفيده شيئاً ،
وقد ذكرنا فيما سبق دليل ذلك من الكتاب والسنة والقياس، وعلى هذا فإذا كان
الإنسان في أول شبابه لا يصلي ولا يصوم ثم من الله عليه بالهداية وصلى
وصام ، فإنه لا يلزمه قضاء ما فاته من صلاة وصيام ، وكذلك لو كان يصلي
ويزكي ولكنه لا يصوم فمن الله عليه بالهداية وصار يصوم ، فإنه لا يلزمه
قضاء ذلك الصوم بناء على ما سبق تقريره ، وهو أن العبادة الموقتة بوقت إذا
أخرها الإنسان عن وقتها بلا عذر لم تقبل منه، وإذا لم تقبل منه لم يفده
قضاؤه إياها شيئاً.
الأعذار المبيحة للفطر
السؤال (140): فضيلة الشيخ ، ما هي الأعذار المبيحة للفطر في شهر رمضان المبارك ؟
الجواب :
الأعذار المبيحة للفطر سبق الإشارة إلى بعضها وهو : المرض، والسفر ، ومن
الأعذار أن تكون المرأة حاملاً تخاف على نفسها أو على جنينها، ومن الأعذار
أيضاً أن تكون المرأة مرضعاً تخاف إذا صامت على نفسها أو على رضيعها، ومن
الأعذار أيضاً أن يحتاج الإنسان إلى الفطر لإنقاذ معصوم من هلكلة مثل أن
يجد غريقاً في البحر أو شخصاً بين أماكن محيطة به فيها نار، فيحتاج في
إنقاذه إلى الفطر ، فله حينئذ أن يفطر ويمتدح ، ومن ذلك أيضاً إذا احتاج
الإنسان إلى الفطر للتقوي على الجهاد في سبيل الله ، فإن ذلك من أسباب
إباحة الفطر له ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في غزوة الفتح
: " إنكم مصبحوا عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطروا"(161) ، فإذا وجد السبب
المبيح للفطر وأفطر الإنسان به ، فإنه لا يلزمه الإمساك بقية ذلك اليوم.
فإذا قدر أن
شخصاً أفطر لإنقاذ معصوم من هلكة فإنه يستمر مفطراً ، لأنه أفطر بسبب يبيح
له الفطر ، فلا يلزمه الإمساك حينئذ ، لكون حرمة ذلك اليوم قد زالت
بالسبب المبيح للفطر.
ولهذا نقول :
القول الراجح في هذه المسألة أن المريض لو برئ في أثناء النهار وكان
مفطراً فإنه لا يلزمه الإمساك، ولو قدم المسافر أثناء النهار إلى بلده
وكان مفطراً فإنه لا يلزمه الإمساك ، ولو طهرت الحائض في أثناء النهار
فإنه لا يلزمها الإمساك ، لأن هؤلاء كلهم أفطروا بسبب مبيح للفطر ، فكان
ذلك اليوم في حقهم لا حرمة له بإباحة الشرع الإفطار فيه ، فلا يلزمه
الإمساك إذا زال السبب المبيح للفطر.
السؤال (141): فضيلة الشيخ ، لكن ما الفرق بين هذه الحالة لو جاء العلم بدخول رمضان في أثناء النهار؟
الجواب :
الفرق بينهما ظاهر ، لأنه إذا قامت البينة في أثناء النهار فإنه يلزمه
الإمساك، لأنه في أول النهار ، إنما أفطروا بالعذر، عذر الجهل ، ولهذا لو
كان عالمين بأن هذا اليوم من رمضان لزمهم الإمساك، أما أولئك القوم
الآخرون الذين أشرنا إليهم فهم يعلمون أنه من رمضان ، لكن الفطر مباح لهم ،
بينهما فرق ظاهر.
صيام المجنون
السؤال (144): فضيلة الشيخ ، ما حكم صيام من يعقل زمناً ويجن زمناً آخر ، أو يعقل زمناً ويخرف ويهذري زمناً آخر؟
الجواب :الحكم
يدور مع علته، ففي الأوقات التي يكون فيها صاحياً عاقلاً يجب عليه الصوم ،
وفي الأوقات التي يكون فيها مجنوناً مهذرياً لا صوم عليه ، فلو فرض أنه
يجن يوماً ويفيق يوماً ، أو يهذري يوماً ويصحو يوماً ، ففي اليوم الذي
يصحو فيه يلزمه الصوم ، وفي الذي لا يصحو فيه لا يلزمه الصوم.
السؤال (145): فضيلة الشيخ ، لكن لو حدث له أثناء النهار أن كان عاقلاً ثم ذهب عقله؟
الجواب:
إذا جن في أثناء النهار بطل صومه، لأنه صار من غير أهل العبادة، وكذلك
إذا هذرى في أثناء اليوم فإنه لا يلزمه إمساكه، ولكنه يلزمه القضاء، وكذلك
الذي جن في أثناء النهار يلزمه القضاء، لأنه في أول النهار كان من أهل
الوجوب.
صيام يوم الشك
السؤال (146): فضيلة الشيخ ، ما حكم صيام يوم الشك خشية أنه من رمضان؟
الجواب :
صيام يوم الشك أقرب الأقوال فيه أنه حرام ، لقول عمار بن ياسر : " من صام
اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"، ولأن الصائم
في يوم الشك متعد لحدود الله عز وجل ، لأن حدود الله أن لا يصام رمضان
إلا برؤيته أي برؤية هلاله ، أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً ، ولهذا قال
النبي عليه الصلاة والسلام : " لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين
إلا أن يكون رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه"(174).
ثم إن الإنسان
الذي تحت ولاية مسلمة يتبع ولايته ، فإذا ثبت عند ولي الأمر دخول الشهر
فليصم تبعاً للمسلمين ، وإذا لم يثبت فلا يصم ، وقد سبق لنا في أول كتاب
الصيام ما إذا رأى الإنسان وحده هلال رمضان هل يصوم أو لا يصوم؟
صام في بلد ثم انتقل إلى بلد آخر
السؤال
(147): فضيلة الشيخ ، ما حكم من صام في بلد مسلم ثم انتقل إلى بلد آخر
تأخر أهله عن البلد الأول ولزم من متابعتهم صيام أكثر من ثلاثين يوم أو
العكس؟
الجواب :
إذا انتقل الإنسان من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وتأخر إفطار البلد الذي
انتقل إليه ، فإنه يبقى معهم حتى يفطروا ، لأن الصوم يوم يصوم الناس ،
والفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس ، فهو كما لو سافر إلى
بلد تأخر فيه غروب الشمس ، فإنه قد يزيد عن اليوم المعتاد ساعتين أو
ثلاثاً أو أكثر ، ولأنه إذا انتقل إلى البلد الثاني فإن الهلال لم ير فيه ،
وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا نصوم إلا لرؤيته، وكذلك قال :
"أفطروا لرؤيته"(175)، وأما العكس مثل أن ينتقل من بلد تأخر ثبوت الشهر
عنده، إلى بلد تقدم فيه ثبوت الشهر فإنه يفطر معهم، ويقضي ما فاته من
رمضان ، إن فاته يوم قضي يوماً ، وإن فاته يومان قضي يومين.
السؤال (148): فضيلة الشيخ ، لكن قد يقول قائل : لماذا يؤمر بصيام أكثر من ثلاثين يوماً في الأولى ويقضي في الثانية ؟
الجواب :
يقضي في الثانية لأن الشهر لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً ، ويزيد
على الثلاثين يوماً ، لأنه لم ير الهلال ، وفي الأول قلنا له أفطر وإن تم
تتم تسعة وعشرين يوماً ، لأن الهلال رؤي فإذا رؤي لابد من الفطر، يعني
يمكن أن تصوم يوماً من شوال ، ولما كنت ناقصاً عن تسعة وعشرين لزمك أن تتم
تسعة وعشرين، بخلاف الثاني فإنه لا يزال في رمضان ، إذا قدمت إلى بلد لم
يروا الهلال فأنت في رمضان فكيف تفطر فيلزمك البقاء وإذا زاد عليك الشهر
فهو كزيادة الساعات في اليوم.
حكم أكل وشرب من شك في طلوع الفجر
السؤال (150): فضيلة الشيخ ، ما حكم أكل وشرب من شك في طلوع الفجر؟
الجواب : يجوز للإنسان أن يأكل ويشرب حتى يتبين له الفجر، لقول الله تعالى :
( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ
مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ
إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: 187) ، فما دام لم يتيقن أن الفجر قد طلع
فله الأكل ولو كان شاكاً حتى يتقين ، بخلاف من شكل في غروب الشمس ، فإنه
لا يأكل حتى يتيقن غروب الشمس أو يغلب على ظنه غروب الشمس.
العموم والغوص في الماء للصائم
السؤال (152): فضيلة الشيخ، ما حكم العوم للصائم أو الغوص في الماء؟
الجواب :
لا بأس أن يغوص الصائم في الماء أو يعوم فيه يسبح، لأن ذلك ليس بالمفطرات
، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة أو على التحريم ، وليس هناك
دليل على التحريم ولا على الكراهة ، وإنما كرهه بعض أهل العلم خوفاً من أن
يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به.
القطرة والمرهم للصائم
السؤال (153): فضيلة الشيخ ، ما حكم القطرة والمرهم في العين؟
الجواب:
لا باس للصائم أن يكتحل وأن يقطر في عينه، وأن يقطر كذلك في أذنه، حتى
وإن وجد طعمه في حلقه، فإنه لا يفطر بهذا؛ لأنه ليس بأكل ولا شرب، ولا
بمعني الأكل والشرب، والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب، فلا يلحق بهما
ما ليس في معناهما.
وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب.
استعمال فرشة الأسنان أثناء الأذان أو بعده
السؤال (154) : فضيلة الشيخ، ما حكم ضرب الأسنان بالفرشاة والمعجون بعد أذان الفجر أو أثناء الأذان؟
الجواب :
أثناء الأذان سبق في الأكل والشرب، وهو أعظم من ضرب الفرشاة، أما بعد
الأذان، والأصلح أن تقول بعد طلوع الفجر سواء مباشرة أو في أثناء النهار،
فلا باس أن ينظف الإنسان أسنانه بالفرشاة والمعجون، لكن نظراً لقوة نفوذ
المعجون ينبغي ألا يستعمله الإنسان في حال الصيام، لأنه ينفذ إلى الحلق
والمعدة من غير أن يشعر به الإنسان، وليس هناك ضرورة تدعو إليه، فليمسك
حتى يفطر، ويكون عمله بهذا في الليل لا في النهار، لكنه في الأصل جائز ولا
بأس به.
حكم التحليل والتبرع بالدم للصائم
السؤال (155): فضيلة الشيخ ، ما حكم التحليل والتبرع بالدم للصائم؟
الجواب:
التحليل للصائم لا بأس به يعني أخذ عينة من دمه لأجل الكشف عنها
والاختبار لها جائز ولا بأس به، وأما التبرع بالدم فالذي يظهر أن التبرع
بالدم يكون كثيراً فيعطي حكم الحجامة، ويقال للصائم : لا تتبرع بدمك إلا
إذا دعت الضرورة إلى ذلك، فلا بأس بهذا، مثل لو قال الأطباء: إن هذا الرجل
الذي أصابه النزيف إن لم نحقنه بالدم الآن مات، ووجدوا صائماً يتبرع
بدمه، وقال الأطباء : لابد من التبرع الآن فحينئذ لا بأس للصائم أن يتبرع
بدمه ويفطر بعد هذا، ويأكل ويشرب بقية يومه؛ لأنه أفطر للضرورة كإنقاذ
الحريق والغريق.
استعمال المراهم والمرطبات أثناء الصيام
السؤال
( 156): فضيلة الشيخ، هناك بعض الناس من الصوام يجد نشوفة في أنفه أو في
شفاهه ، فيستعمل بعض المراهم أو المرطبات لذلك فما حكمه؟
الجواب :
يجد بعض الصوام نشوفه في أنفه ونشوفه في شفتيه، فلا بأس أن يستعمل
الإنسان ما يندي الشفتين والأنف من مرهم، أو يبله بالماء بخرقة أو شبه
ذلك، ولكن يحترز من أن يصل شيء إلى جوفه من هذا الشيء الذي أزال به
النشوفة.
السؤال (157): فضيلة الشيخ، لكن لو وصل شيء من غير قصد؟
الجواب: إذا وصل شيء من غير قصد فلا شيء عليه كما لو تمضمض ووصل شيء إلى جوفه؛ فإنه لا يفطر بها.
حقن الإبر في العضل والوريد للصائم
السؤال (158) : فضيلة الشيخ، ما حكم حقن الإبر في العضل وفي الوريد؟
الجواب:
حقن الإبر في الوريد والعضل والورك ليس فيه بأس، ولا يفطر به الصائم؛ لأن
هذا ليس من المفطرات ولا بمعني المفطرات، فهو ليس بأكل ولا شرب، ولا
بمعني الأكل والشرب، وقد سبق أن قلنا أن ذلك لا يؤثر، وإنما المؤثر حقن
المريض بما يغني عن الأكل والشرب.
المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم
السؤال (159) : فضيلة الشيخ، ما حكم المبالغة في المضمضة والاستنشاق في نهار رمضان للصائم؟
الجواب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: (( أسبغ الوضوء ، وخلل
بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً(187)، وهذا يدل على
أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق ، وكذلك لا يبالغ في المضمضة ؛ لأن ذلك
قد يؤدي إلى نزول الماء إلى جوفه، فيفسد به صومه، لكن لو فرض أنه بالغ ودخل
جوفه دون قصد، فإنه لا يفطر بذلك؛ لأن من شروط الفطر كما سبق أن يكون
الصائم قاصداً لفعل ما يحصل به الفطر.
شم الطيب للصائم
السؤال (160) : فضيلة الشيخ، ما حكم شم الطيب سواء كان من الرذاذ ( البخاخ) أو شم الطيب الذي هو البخور؟
الجواب:
شم الطيب لا بأس به سواء كان دهناً أم بخوراً، لكن إذا كان بخوراً فإنه
لا يستنشق دخانه؛ لأن الدخان له جرم ينفذ إلى الجوف، فهو جسم يدخل إلى
الجوف فيكون مفطراً كالماء وشبهه، وأما مجرد شمه بدون أن يستنشقه حتى يصل
إلى جوفه فلا بأس به.
الفرق بين البخور والقطرة
السؤال (161) : فضيلة الشيخ، ربما يقال: ما الفرق بين البخور والقطرة التي تنزل إلى الحلق ويطعم بها؟
الجواب: الفرق بينهما أن الذي يستنشقه قد تعمد أن يدخله إلي جوفه، وأما القطرة فلم يقصد أن تصل إلى جوفه، وإنما قصد أن يقطر في أنفه فقط.
الأكل والشرب ناسياً
السؤال (162): فضيلة الشيخ، ما حكم من أكل أو شرب ناسياً؟ وكيف يصنع إذا ذكر أثناء ذلك؟
الجواب: سبق
الكلام أن الناسي لا يفسد صومه ولو أكل كثيراً وشرب كثيراً ما دام على
نسيانه، فصومه صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من نسي وهو صائم
فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه))(188) ولكن يجب من حين
أن يذكر أن يمتنع عن الأكل والشرب حتى لو فرضنا أن الأكلة أو الشربة في فمه
وجب عليه لفظها، لأن العذر الذي جعله الشارع مانعاً من التفطير قد زال.
ماذا يفعل من رأى صائماً يأكل؟
السؤال(
163): فصيلة الشيخ، ينتشر عند كثير من الناس أن الإنسان إذا رأى صائماً
يأكل ألا يذكره، فما مدى صحة هذا الكلام، وكيف يصنع من يرى صائماً يأكل؟
الجواب:
من رأى صائماً يأكل فليذكره؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى،
كما لو رأى الإنسان شخصاً مصلياً إلى غير القبلة، أو رأى شخصاً يريد أن
يتوضأ بماء نجس وما أشبه ذلك، فإنه يجب عليه تبيين الأمر له، والصائم وإن
كان معذوراً لنسيانه لكن أخوه الذي يعلم بالحال يجب عليه أن يذكره، ولعل
هذا يؤخذ أيضاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنما أنا بشر مثلكم
أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني))(189) فإنه إذا كان يذكر الناسي في
الصلاة، فكذلك الناسي في الصوم يذكر.
خروج الدم من الصائم
السؤال (164): فضيلة الشيخ، ما حكم خروج الدم من الصائم من فمه أو أنفه أو بقية جسمه؟
الجواب: لا يضره خروج ذلك، يعني بغير قصد منه، فلو أرعف أنفه وخرج منه دم كثير، فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه.
السؤال (165): فضيلة الشيخ، فإن تسبب في خروج الدم كأن يخلع ضرسه مثلاً؟
الجواب:
لا حرج عليه أيضاً، لأنه لم يخلع ضرسه ليخرج الدم، وإنما خلع ضرسه لألم
فيه، فهو إنما يريد إزالة هذا الضرس، والغالب أن الدم الذي يخرج من خلع
الضرس دم يسير لا يكون له معنى الحجامة .
السؤال (166): فضيلة الشيخ، إذا أفطر في الأرض مثلاً ثم أقعلت الطائرة وبانت له الشمس فما الحكم؟
الجواب:
الحكم أنه لا يلزمه الإمساك يعني أنه لما غربت الشمس تم يومه وأفطر
بمقتضى الدليل الشرعي، وما عمله الإنسان بمقتضى الدليل الشرعي فإنه لا
يؤمر بإعادته.
الجماع في نهار رمضان.السؤال (167): فضيلة الشيخ، ما حكم الجماع في نهار رمضان ذاكراً أو ناسياً؟ وما الذي يلزمه؟
الجواب:
الجماع في نهار رمضان كغيره من المفطرات ، إن كان الإنسان في سفر ليس
عليه في ذلك بأس سواء كان صائماً أم مفطراً، لكن إذا كان صائماً وجب عليه
قضاء ذلك اليوم، وأما إن كان ممن يلزمه الصوم، فإنه إن كان ناسياً فلا شيء
عليه أيضاً، لأن جميع المفطرات إذا نسي الإنسان فأصابها فصومه صحيح، وإن
كان ذاكراً ترتب على ذلك خمسة أمور: الإثم ، وفساد صوم ذلك اليوم،ولزوم
الإمساك، ولزوم القضاء والكفارة، والكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً؛ لحديث أبي هريرة رضي
الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ،
هلكت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما أهلكك؟)) قال: وقعت على
امرأتي في رمضان وأنا صائم، فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة عتق
رقبة،فقال إنه لا يجد ، فقال: صيام شهرين متتابعين، فقال: إنه لا يستطيع،
فقال: إطعام ستين مسكيناً، فقال: إنه لا يجد، ثم جلس الرجل وأتى النبي صلى
الله عليه وسلم بتمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( خذ هذا
فتصدق به)) فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين
لابتيها أهل بيت أفقر مني، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه
أو نواجذه ثم قال: (( أطعمه أهلك))(190).
السؤال (168): فضيلة الشيخ، إذا تعدد الجماع في اليوم أو في شهر رمضان، فهل تتعدد هذه الكفارة؟
الجواب:
المشهور من مذهب الإمام أحمد أنه إذا تعدد في يوم ولم يكفر عن الجماع
الأول لزمه كفارة واحدة، وإن تعدد في يومين لزمه لكل يوم كفارة، لأن كل
يوم عبادة مستقلة.
الشيخ بن العثيمين